قضيـة
تركسـتان الشـرقية
التي سَمَّاها الاستعمارُ الصينيُّ
سـينـغ يانـغ
تعليق على أخبار الاضطرابات في
"أورومچي" وقمع المسلمين فيها علم تركستان الشرقية المستقلة
كثير من المسلمين لا يعرف عن هذه البلاد شيئًا فيحسب أنها جزء من الصين؛ كما تحاول الصين الشيوعية أن تُروِّج له، وقد وقع الإعلام العربي في فخ هذه السياسة الاستعمارية الصينية فلا تكاد تجد من يذكر هذه البلاد إلا بالاسم الذي زيَّفَه الصينيون (سينغ يانغ)، بينما هي بلاد إسلامية كانت تحكمها ممالك إسلامية على مر العصور؛ وهي الجزء الشرقي من "تركستان" الكبرى التي تمتد حدودها من بحر الخزر غربًا – أي بحر قزوين -؛ إلى جبال آلتاي وألتون شرقًا، وخراسان وقره قورم جنوبًا، إلى سيبيريا وجبال أورال شمالاً؛ وهذه مساحة تقدر بخمسة ملايين (كيلاً مربعًا)()، أما تركستان الشرقية فتبلغ مساحتها (013، 501، 1) كيلاً مربعًا()، وعدد سكانها يتراوح بين عشرة ملايين واثني عشر مليونًا() ويرى الأستاذ عيسى ألب تكين() أنه لا يقل عن عشرين مليونًا.. وأن السياسة الصينية الاستعمارية تلجأ إلى التقليل من عددهم؛ بل إن حكومة الصين الشيوعية لجأت إلى أسلوب استعماري معروف؛ وهو محاولة تغيير النسبة السكانية، فنقلت أعدادًا كبيرة من الصينيين ليستوطنوا في هذا الإقليم، وتدعى هذه الحكومة الاستعمارية أن الصينيين اليوم يشكلون أغلبية في (سينغ يانغ)، وهذا أسلوب اليهود الصهاينة أيضًا في فلسطين؛ يُهجِّرون العربَ ويُوطِّنون اليهودَ بدلاً منهم وتظهر هذه السياسةُ بوضوحٍ في مسألة القدس؛ فإن الحكومة الصهيونية تحاول جاهدةً تغييرَ التركيبة السكانية؛ ويبدو أنها نجحت في ذلك.
إن حكومة الصين الشيوعية هي من أكثر الحكومات الاستعمارية قسوةً، وأَشدِّها بطشًا، وتصرفاتها الأخيرة في مدينة "أُورُومْچي" فصلٌ من فصول هذه القسوة الاستعمارية فقد سبقت قبل بضع سنوات انتفاضةٌ قام بها السكان المسلمون في هذا الإقليم فقمعتها بكل قسوة، ثم علَّقَت أكثَرَ من مائة شاب من أبناء المسلمين على المشانق في الشوارع. والآن في هذه الانتفاضة الجديدة هذه الأيام التي فجَّرها المسلمون نتيجة الظلم الصيني بطشت الحكومة الصينية بكل قسوة بالمسلمين وقتلت قواتُ القمع الصينية أكثَرَ من ثمانمائة مسلمٍ واعتقلت الآلاف..
ويهدد الرئيس الصينيُّ (زاو) بمعاملة المسلمين الذين قاموا بالمظاهرات – وكانت سلمية – بكل قسوة.
والحقيقة التي لا تستطيع الصينُ الشيوعيةُ إخفاءَهَا أن تركستان الشرقية بلدٌ مسلم، كان مستقلاً ويحظى بحكومة إسلامية، وسكانه من الترك، وهم جنس مختلف تمامًا عن الجنس الصيني، وأن الصين احتلت هذا البلد كما احتلت بريطانيا فلسطين ومصرَ والعراق وكما احتلت فرنسا الشامَ وكما احتلت روسيا تركستانَ الغربيةَ وأذربيجانَ وجورجيا وغيرَهَا من مستعمرات الاتحاد السوفيتي، واحتلَّتِ الصينُ "تركستانَ الشرقيةَ" في نفس الوقت الذي احتلَّت فيه روسيا "تركستان الغربية"، وها هي روسيا تنسحب من هذه المستعمرات وتمنحها استقلالها؛ بينما الصين تكابر وتصر على أن "تركستان الشرقية" جزء لا يتجزأ من الصين، كما تدعي ذلك في "التيبيت" وكلها بلاد كانت مستقلة ثم احتلتها الصين..
إن نفس الاسم المزيف الذي أطلقته الصين على "تركستان الشرقية" يَشِي بذلك؛ فـ (سينغ يانغ) معناه في اللغة الصينية: المستعمرة الجديدة.
في هذا العصر الذي يحاول فيه العالم تصفيةَ (الاستعمار) والعملَ على حصول الدول المحتلة على استقلالها وحريتها؛ تُرَى إلى متى تستطيع الصينُ الشيوعيةُ الاستعماريةُ المكابَرَةَ والاستمرارَ في سياسة القمع والكذب، والادعاءَ بأن تركستان الشرقية التي أسمتها (سينغ يانغ) جزء لا يتجزأ من الصين..
إن على العالم الإسلامي أن يقوم بنصرة إخوانه المسلمين في "تركستان الشرقية" امتثالاً لتعليمات القرآن الكريم التي توجب الموالاة بين المسلمين؛ أي المحبة والنصرة )وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ( [ التوبة: ٧١ ].
عليهم أن يدعموا إخوانهم الرازحين تحت نير الاستعمار الشيوعي الصيني البغيض ولو معنويًا وسياسيًا، كما فعل رئيس الوزراء التركي "أردوغان"..
من العار هذا الصمت الثقيل من حكومات العالم الإسلامي!! هل العلاقات التجارية مع الصين أهم من مصير إخوانهم المسلمين في تركستان الشرقية؟
لقد سمعتُ بكل أسًى سياسيًا مصريًا يتحدث في قناة الجزيرة عن القانون الدولي وأنه لا يبيح التدخل في الشؤون الداخلية للصين، ويُوجِبُ علينا احترامَ سيادتها..
لا أدري ما الفرق عند هذا السياسي المصري الخائب بين استعمار إسرائيل لفلسطين واستعمار الصين لتركستان؛ إن مثل هذه الخيبة السياسية لو اطَّرَدَتْ فسنسمع يومًا من يتحدث عن عدم التدخل في الشؤون الداخلية لحكومة إسرائيل، وتصبح القضية الفلسطينية شأنًا داخليًا إسرائيليًا..
عبد العزيز القارئ
في 15/7/1430هـ
|